وجه الاستدلال: سؤال خزنة جهنم للذين دخلوا النار من الكفار يقتضي أنهم جميعاً أنذرهم الرسل، ولو تحقق تكليف قبل الشرع لم يكن لهذا السؤال معنى.
الدليل الخامس :
قوله تعالى: ]إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ قَالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِــنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ[8][ .
وجه الاستدلال : قال ابن حزم: فهؤلاء الحواريون الذين أثنى الله U عليهم قد قالوا بالجهل لعيسى u هل يستطيع ربك أن يُنزل علينا مائدة من السماء ؟! ولم يبطل بذلك إيمانهم وهذا مالا مخلص منه ،وإنما كانوا يكفرون لو قالوا ذلك بعد قيام الحجة وتبيُّنهم لها[9]. فرغم أن الشك في أن الله U على كل شيء قدير هو كفر، وكذلك الشك بمصداقية نبي الله ، إلا أن الحوارين لم يكفروا وعذروا بالجهل لحداثة عهدهم بالإسلام وبنبيهم عيسى u.
الدليل السادس:
الذين قالوا من بني إسرائـــيل لموسى u: ] اجْعَلْ لَنَا إِلَهاً كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ[10][ .
وجه الاستدلال : الذين قالوا هذا قولهم قول كفري ،ولم يكفرهم موسى u،ولم يأمر بقتلهم أو استتابتهم من الردة، وسؤالهم أن يجعل لهم إلهاً مع الله كفر بواح لا شك فيه،رغم هذا قال لهم موســــى uإنكم قوم تجهلون عظمة الله وجلاله ،وما يجب أن ينزه عنه من الشريك والمثيل .
الدليل السابع :
قــوله U : ]وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَراً حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُــونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ[[11].
وجه الاستدلال: قوله) : وسيق الذين كفروا ( يعم كل الذين كفروا ،وهو ظاهر في أن جميع أهل النار قـد أنذرتهم الرسل في دار الدنيا؛ فعصوا أمر ربهم .
الدليل الثامن :
في صحيح سنن الترمذي وغيره، عن واقد الليثي قال : خرجنا مع رسول الله r، إلى حنين ،ونحن حديثو عهد بكفر، وكانوا أسلموا يوم فتح مكة، قال: فمررنا بشجرة فقلنا يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط، فلما قلنا ذلك للنبي r قال:" الله أكبر، قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو إسرائيل لموسى: ] اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون [ لتركبن سنن من كان قبلكم ".
وجه الاستدلال : فرغم أن قولهم قول كفري ،وهو شبيه بقول بني إســرائيل ) اجعل لنا إلهاً ( إلا أنهم لم يكفروا بأعيانهم لجهلهم وحداثة عهدهم بالإسلام.
الدليل التاسع :
حديث الرَّجل الذي أمر أولاده بأن يحرقوه بعد موته، ويلقوانصـف الرماد في البروالآخر في البحر، وقال : لئن قدِر الله علي ليعذبني عذابا ما عذّبه أحداً... فأمر الله الأرض والبحر فجمعتا ما فيهـما فإذا هو قائم فقال له تعالى: ما حملك علىهذا؟ قال: يا رب خشيتك. فغفر له[12].